للوطن :

رسمياً، بَسط القانون لذوي المهن حق تكوين نقابات وجمعيات تدفع عنهم القمع وتذود عن مصالحهم قبالة عسف أرباب العمل حكوميين كانوا أم أهليين. عملياً، تلك الجمعيات تُعن�’ف وتُسحق إن تجاوزت دورها الديكوري وأظهرت جدية في ترجمة أهدافها.. ونحن لا نتكلم هنا عن القطاع الخاص فحسب، بل حتى عن رب البيت: القطاع الحكومي الذي يُفترض به أن يكون أنموذجاً يُحتذى به في التعاطي مع ممثلي العمال، ولكنه بعيد عن ذلك بُعد المشرقين! 
جمعية التمريض – المستهدفة حثيثاً من وزارتي الصحة والتنمية – هي مثال صارخ على ما نقول، وإليكم الدليل:

* تم التحقيق في أغسطس/ آب الماضي مع رئيسة الجمعية رولا الصفار بتهمة التشجيع على الإضراب.. وقُيضت للتحقيق معها لجنة «عرمرمية» وشُه�’ر بها في كل الصحف، ومرت الزوبعة التي أريد لها أن تهز عروش الرئيسة العتيدة، وها هي الأشهر قد مرت ولم تخرج اللجنة لا بنتيجة تدينها، ولم تكلف نفسها عناء تبرئتها! وهو مثال إضافي لما تكلمنا عنه سابقاً من كيدية وشكلية لجان التحقيق في البحرين!

* قررت الجمعية في عيد الأضحى الماضي القيام بزيارة معايدة للممرضين المناوبين لإهداء الورد والشكولا كعربون تقدير لجهودهم.. مبادرة كتلك هُولت وعُرقلت بحجة ضرورة استخراج تصريح رسمي لذلك.. ورهنت رئيسة خدمات التمريض الأمر بموافقة الرئيس التنفيذي لمجمع السلمانية الطبي ومنه وصل الأمر للوكيل المساعد وقد ارتأى هؤلاء أن المسألة «خارج صلاحياتهم»، وعليه يجب رفعها للوزير الذي لم يتلقوا منه جواباً (!!!!!) في حين يقوم كثير من الأفراد والهيئات بمبادرات مشابهة من دون أن يضطروا إلى المرور بالإجراء عينه!

* شرعت الجمعية، كنوع من الدعم لمنتسبيها، لتنظيم دورة في كيفية قراءة تخطيط القلب برسم رمزي يغطي بالكاد نفقات الدورة، فراسلت الصحة وزارة التنمية حاثةً إياها للتحقيق فيما تقوم به الجمعية من نشاطات «لجمع الأموال من حقل التمريض»!

* تصادمت الجمعية مع الوزارة بشأن ملف كادر التمريض الذي لبى تطلعات 400 شخص من أصل 6 آلاف منتسب للمهنة.. ومع ذلك وافقت الجمعية – في خطوة تكتيكية هدفها تحقيق أي مكسب لمنتسبيها – ومرت زهاء أربعة أشهر على إعلان الوزارة الصاخب عن الكادر من دون أن يُفع�’ل؛ لأن الوزارة لم تملك – على ما يبدو – الموازنة اللازمة لذلك.. وفي خطوة مجيدة ملئوها الخبث أشاعت الوزارة أن جمعية التمريض هي من عرقل الزيادة، وهي من وقف في وجه تحقيق مطامح الممرضين الـ .400

* مشكلة كادر الأطباء تختزل ببساطة في الآلاف من المحرومين من الدرجة التخصصية ومازالوا على الاعتيادية كالكتبة وحملة السكرتارية تماماً.. وكحل لهؤلاء: تنتقي الوزارة سنوياً 50 ممرضاً لابتعاثهم لإكمال درجة البكالوريوس، وهو ما يعني أن الوزارة بحاجة إلى 30 عاماً لتأهيل العدد الموجود!
وليس هذا ببيت القصيد.. فلعدم وجود معايير تحدد من يبتعث ومن يستثنى.. ولأن الأمر مزاجي بحت يخضع لتقدير القيادات التمريضية.. فبالطبع، وكخطوة تتسق مع ما سبقها من خطوات لإضعاف الجمعية والضغط على منتسبيها، تم حرمان عدد من الفاعلات بالجمعية من الدراسة رغم تميز بعضهن وحصولهن على مرتبة الشرف واستحقاقهن الأولوية!

* أعطت وزارة التنمية لكافة الجمعيات المخالفة للقانون مدة أسبوعين لتعديل أوضاعها.. أما جمعية التمريض فلم يمنحوها حتى 24 ساعة! ورفضت الوزارة كل مبادرات الجمعية لحل المشكلات موضوع الخلاف رغم ما أبدته الجمعية من جدية في تعديل الأوضاع!
وإن لم يدفعكم ذلك للإقرار باستهداف الجمعية.. والاستماتة في تكسير مجاديفها.. فلا شيء سيفعل.