:للوطن
هل سمعت يا مولاي بحقلٍ بُذر بالكتان فأثمر.. رمان ؟!
أو أرضاً ملئت بالألغام فحصدت غير الآلام !!
ما كان في البلاد وما سيكون.. إن هو إلا قطاف السنون.. وزرع الحرس القديم.. الذي لا تظنن أن الأمور ستستقيم، بوجود فكرهم السقيم.. هؤلاء الذين يد�’عون أنهم لكم محبون وللبلاد حافظون، وما ضيع البلاد إلا قصر نظرهم وطيشهم المجنون..
والآن نكمل واعذرني على الاسترسال.. فوقت المجاملات انتهى مع الدم الذي سال..
شهرزاد..
*****
من إقترح استنساخ كربلاء ..؟!
لا نبالغ إن قلنا أن المذهب الشيعي بأكمله يدين بزخمه وديمومته ليومنا هذا لحدث تاريخي واحد، واقعة كربلاء التي وقعت منذ 1400 عاماً ومازالت تلهب مشاعر ملايين الشيعة حول العالم.. تلك الواقعة التي تش�’ربها كل جعفري وارتبطت في مخيلته الثاوية بالغدر والظلم والجبروت.. وبالتالي فإن ما ارتكبته قوات الأمن البحرينية، من تركها للناس لتعتصم لثلاث أيام – دون مضايقة- حتى ر�’كن الناس واطمئنوا وجاءوا بعائلاتهم وأطفالهم وباتوا آمنين، ليتسلل لهم العسكر في الثالثة فجراً لمهاجمتهم بالرصاص والقنابل الصوتية المرعبة وضربهم بالهروات والأحذية الغليظة، بل ومطاردة من كانوا يحاولون الفرار لأميال. كان هناك عشرات الخطط “الحكيمة” التي كان يمكن بها فض�’ الاعتصام ولكنهم اختاروا الغدر بالناس.. نعم الغدر – ليس للأمر أسم أجمل- كانوا يستطيعون مهاجمتهم صبحاً أو عشية ولكنهم اختاروا طعنهم في الظهر وهو تصرف يليق بالعصابات..ولا يليق بالحكومات ..
كان حدثاً جليلاً، ولا أعتقد أني انتقلت – رسمياً- للمعارضة إلا في ذلك الفجر الكئيب.. فرغم كل شيء؛ لم أتخيل يوماً أن السلطة قادره على أعمال بتلك البشاعة..!
يومها تناثرت العائلات وظلت الناس تبحث عن بعضها لساعات سيما وأن العسكر لم يعطوا لأحد فرصه ليلملم حاجياته أو هواتفه كما وحاصروا سيارات الناس وكسروها بهمجية في مشاهد صادمة. إحداهن من قرية البلاد قالت لي: عصر ذلك اليوم مروا بعمارتي وكنت أشاهدهم من النافذة وهم يكسرون سيارتي وسيارات جيراني، لم أنبس بكلمة ولم أعرف أتصل بمن: هل أبلغ الشرطة وأطلب منهم إنقاذنا..من الشرطة !!
****
أمهات عدة كانوا يُشب�’رون المستشفى بحثاً عن أبنائهم.. حملات عدة انطلقت للبحث عن الأطفال الذين هاموا في الطرقات وأفقدهم الرعب القدرة على تذكر أسماء آبائهم.. ولأن هذا المناخ مثالي للأقاويل فقد انتشرت كومة إشاعات حول 104 مفقوداً يومها ” انخفض العدد لـ65 في اليوم التالي” تلك الشائعات صدرت من الضحايا المشوشين وأحياناً من الخصوم.. كجزء من الحرب النفسية بالطبع.
” هناك ثلاجات حملت خلسةً جثثاً للسعودية -قيل وقتها- كان هناك أحياء أخذوا في تلك الثلاجات”.. ( بعض المفقودين رموا في البحر – قال آخرون- شرطي شريف أس�’ر لأسرة بذلك) في ذلك الوقت صرح بعض الأطباء والناشطون بأرقام مبالغ فيها لا لأنهم خططوا ” لترويج بيانات كاذبة” كما اتهمتهم السلطة بل لأن الوضع كان هستيرياً. آلاف ملؤوا كل شبر بالمشفى منهم من يصرخ وكأنه يحتضر ومنهم من كان يبدو طبيعياً رغم أن حالته كانت الأخطر.. سرعة وتفاني الأطباء يومها أنقذت أرواحاً كثيرة، أرواحا كان يُراد لها أن تُزهق. وبدلا من أن تشكرهم السلطة لأنهم قلصوا ضحاياها حملت لهم ضغينة لأنهم فضحوا ما كان يُراد له.. أن يُستر.
****
هذه الواقعة الدامية دفعت – حتى التكنوقراط والأرستقراطيين واللامبالين من الشارع الشيعي- للالتفاف مع المحتجين في الدوار لأنها جاءت في قالب كربلائي يعكس الظلم والغدر ولا عجب أن اردوغان نفسه -رئيس وزراء تركيا- شبهها بكربلاء جديدة فقد كانت – بمعنى ما- كذلك.. بالمناسبة عدد شهداء كربلاء كان ضئيلا مقارنة بمعارك ذاك الزمان” لم يجاوز الـ28 وفق الروايات” ولكن مرارة تكالب واستئساد آلاف الجنود على مجموعة صغيرة هو ما جعل هذه الواقعة تُخلد كأكثر المعارك تأثيراً عبر تاريخ البشرية..ما حصل كان غلطة بألف، غلطة تنم عن جه�’ل مركب بطبيعة المجتمع وسوء قراءة مُهلكة للأحداث، وأشك أن أحدا يُقد�’ر عُظم تأثير تلك الواقعة، وما زرعته من بذور وألغام، على تاريخ البحرين المعاصر..
***
وغدا يا مولاي نحكي كيف افترق الأصدقاء بعد النسخة البحرينية من كربلاء.. ولكن�’ا الآن سنصمت لا لانتهاء المساء.. بل لأن عين السياف “جوهر” صارت حمراء !!