:للوطن

سقى الله الزمان الذي كان فيه السمك خليلاً لموائد الأسر البحرينية – كلها- فقيرها قبل غنيها..
سقى الله الزمن؛ الذي كان فيه الأبناء يتبرمون من أكل السمك يومياً ويطالبون بسواه.. اليوم صار السمك شحيحاً نادراً وإن توافر فإن سعره يبقيه بعيداً عن متناول يد العامة.! فكيلو الصافي الآن قد وصل لـ 3 دنانير والجنعد لـ4 والهامور لـ..5 وهذه الأسعار ليست سوى أسعار ابتدائية غالباً ما تقفز لشح المعروض بذريعة جودته.. وليقصد المشككون منكم سوق السمك ليروه خالياً إلا من الجزافين المكبودين الذين يتوسد كل منهم يده وهو ينعي حظه !!

فمن هو المسؤول عن حرمان أهل جزيرة تطوقها البحار الغنية من السمك؛ وهو غذاؤهم الأم الذي جُبلت أجسامهم على التوائم معه دوناً عن بقية الأطعمة؟!
الجواب تجدونه في ملحمة السواحل التي بدأت ولن تنتهي إلا بالقضاء على الثروة البحرية ملياً لصالح غابات الأسمنت التي تتنامى لتنفيع المتنفذين على حساب أرزاق شعب بأكمله. فهاهي سواحل البحريـن الممتدة بطول 625 كيلومتراً قد استملكت ولم يتبق منها سوى 26 كيلومـتراً متاحة للعامة وللصيادين.. فكيف لا تذوي الثروة السمكية وكيف لا تتضاءل!!
ساحل المالكية الذي كان منجماً للأسماك أُغتصب جهاراً نهاراً.. وبني فيه سور يمتد إلى داخل البحر بطول 5,2 كيلومتر أعاق حركة الماء ومنع تجدده وكانت النتيجة اختفاء أنواع مهمة من الأسماك والنباتات النادرة !! فشت العظم الذي كان يوفر 6 ملايين كج سنوياً من الأسماك سنوياً بما يعادل 60% من الإنتاج العام يتعرض لإجهادات وانتهاكات بيئية – يومياً – بين حفر وتجويف وردم وشفط للرمال؛ ناهيكم عن استخدامه كمكب لمخلفات الصرف الصحي!!
ساحل أمواج بدوره قتل منجماً للأسماك كان يدر على البحرين ما يدر، ليولد على أنقاضه منجم ذهب خصص لثلةً محدودة من أبناء هذا البلد. 
شركة البحرين للصناعات البتروكيماوية دمرت من قبلُ أكبر مصائد سترة.. ولم يقم له مجلس عزاء لائق رغم أنه أيتم مئات الصيادين وحرم آلاف العائلات مما يفيض به البحر من خيرات.
جسر الملك فهد – بدوره – أجهز على 70% من إنتاج المنطقة الغربية.. ويتوقع أن يفعل جسر المحبة الشيء نفسه بمصائد البحرين وقطر لكونه سيغير مسارات المياه وسيجبر أنواعاً عدة من الأسماك على الهجرة.. والبقية تأتي.
فماذا بقي لنا يا ترى؟! وأين ستعيش أسماكنا في بركة أم في ”نقعة”!!
لقد استبدلنا خيرات البحر بصروح من الأسمنت.. فهل سيقدم لنا الأسمنت لنأكله مع العيش المشخول أم أن الأسمنت أثمن من أن يبدد علينا أيضاً!! 
أننا – لا- نطالب المسؤولين عن تدمير البيئة البحرينية.. ومن يراقبونهم بصمت بالغ الابتذال.. بأن تقض أصوات الناس مضاجعهم ”فذلك حلم لا يُنال” بل نطالبهم بأن ”يتنغصوا” على الناس وهم يزجون لقمة السمك الطرية في أفواههم بأن يقولوا بعد البسملة” حقكم العافية يا شعب البحرين ”لا أكثر من ذلك.. ولا أقل!!