عين على الفساد : لا نريد أن نكون أسرى لعقلية المؤامرة ولكننا في الوقت ذاته لا نريد أن نكون سذجاً.. هناك مخطط كبير – ولنسمه تلطفاً ”توجهاً”- لتطويق استقلالية الكيانات الاقتصادية والسياسية وتجيير رؤاها لصالحها.. أما كيف فالشواهد كثيرة: التغلغل في بعض الكيانات؛ التغلغل في الصحافة؛ اختراق المجتمع المدني بكيانات شبه رسمية أو الاتحاد مع كيانات قائمة.. ولا يسعنا إلا أن نصنف قانون الغرفة التجارية الجديد على أنه خطوة في الطريق ذاته..

تتساءلون ولمَ كل هذا؟ والإجابة ماثلةً أمام أعينكم: الجهات الرسمية لا تثق بقرارات تلك الأهلية المستقلة ومدى ”حكمتها” وحصافتها وعليه تعمل على فرض وصاية عليها بكل هيئة وشكل..

قلنا إن قانون الغرفة الجديد، والسعي الحثيث لتمريره في الجمعية العمومية الاستثنائية المقرر عقدها الجمعة، هي مثال شاخص. فالتعديل يقضي بتحديد عدد الأصوات لكل مؤسسة تجارية حسب رأس المال المدفوع.. بمعنى آخر فإن النظام الذي سارت عليه الغرفة منذ تأسيسها في الخمسينات والذي يقضي بمساواة كل الأعضاء سواء كانوا ”هوامير” أم ”حراسين” سينتهي.. وسيكون صوت كل عضو بثقل وزنه وحجمه في السوق.. وهو أمر مقلق حقاً..

أولا من زاوية أن جلَ�’ الشركات الكبيرة ذات رؤوس الأموال ضخمة هي شركات شبه حكومية أو أن الحكومة ممثلة في مجلس الإدارة بها بشكل مهيمن بالإضافة إلى المصارف التي تملك الحكومة مقاعدها.. ثم إن الشركات والمؤسسات الكبرى للسوق هي مملوكة إجمالاً لصفوة من العائلات ورجال الأعمال؛ وعليه فإن�’ العضو الواحد ستكون له أكثر من عضوية واحدة وذلك بحسب عدد المؤسسات التابعة؛ فإن كانت لديه 5 مؤسسات فهو يملك الآن 5 أصوات وغداً سيملك 50 صوتاً بعد التعديل الأخير..!!

وهو أمر – لا مراء- خطير.. ويعني أن الغلبة ستكون لرأي حفنة من المتنفذين الكبار الذين سيهيمنون على قرارات الغرفة على حساب ذوي المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذين يمثلون 85% من إجمالي عدد الأعضاء.. وهو أمر لا يمكن قراءة تداعياته البعيدة على القرارات ولكن تبعاته على استقلالية الغرفة واضحة للعيان لا شك..

الخطورة أنه – وبعد تأجيل الجمعية العمومية لأكثر من مرة لعدم اكتمال النصاب- لم يعد مجلس الإدارة الحالي محتاجاً في الجمعية التي ستعقد بعد يومين إلا لـ200 صوت لتمرير القانون بهذه الصيغة.. وعليه نحن نحفز الأعضاء على الذهاب والمشاركة وتوجيه دفة القرار لما يصب في صالحهم وعدم الاستخفاف بمغبة الأمر..

وليعذر�’نا المدافعون عن تمرير القانون دعوتنا تلك فنحن نرى التاجر الصغير يسحق 
في كل محفل ومعقل بسبب زمرة القرارات الجائرة والرسوم التي تقتطع من قوته؛ وآخر ما نريده هو أن نرى أن�’ الغرفة التجارية – الممثلة الشرعية لصاحب المغسلة ولصاحب الشركات الضخمة- تتنكر منهم أو تهمش دورهم..

إن الديمقراطية التي ارتضيناها هاهنا تساوي بين الناخبين في الأصوات – بغضِ�’ الطرف عن أحجامهم في السوق- وليس منا من يريد ديمقراطية مفصلة على مقاس الكبار؛ لا في بيت التجار ولا في غيره..