للقلب والروح :
هل يطوقك أناس تشعر عند مقاطعتهم بالنقص والضيق .. بالتوتر والفشل؟
هل ينتقدونك بشكل مكثف؛ أو يطلقون تعليقات وإيماءات تهز ثقتك في ذاتك ؟ يشيرون لعيوبك ونواقصك باستمرار، ويجرونك لمساجلات عقيمة ويشعرونك بأنك دائما على خطأ وهم ـ دوماً ـ على صواب ؟
أناس يتذمرون على الدوام؛ وينثرون الكآبة على كل من حولهم ويعجزون عن رؤية النصف الممتلئ من الكأس ؟ أناس يشككون في قدراتك وخياراتك.. يحرضون أحاسيس القلق في نفسك؛ يشعرونك بأنك كبرت في السن؛ أو فقدت بريقك، أو أخفقت في تحقيق منجزات تذكر؟
أناسٌ تشعر بأن حياتك كانت لتكون أفضل من دونهم ولكنك، لسبب أو لآخر ، غير قادر على إنهاء هذه العلاقة وإن كانت تسمم حياتك ونفسيتك ؟
أعتقد أن جُلكم سيجيب بالإيجاب على بعض تلك الأسئلة أو كلها. ففي حياتنا يُفرض علينا العديد من العلاقات السامة : بحكم القرابة .. بحكم العمل.. بحكم المصاهرة وغيرها.. وهؤلاء ليسوا غالبا أعداء ولا يكنون لنا ضغائن، بل على العكس؛ بعضهم محبٌ مغال في حرصه علينا، لكنه ـ لسبب أو لآخر ـ يفجر مشاعرنا السلبية وقلقنا الدفين ويدفعنا بسلبية أقواله وأطروحاته للتكور داخل مخاوفنا محجماً بذلك طموحاتنا ومثبطاً أحلامنا وخططنا.
علاقات كهذه هي علاقات مسمومة، تتخلل سمومها حياة المرء وتعكرها، سواء وعى ذلك أم لم يع.
في علم النفس والثقافة الغربية تبلور مفهوم «العلاقات المسمومة» منذ وقت طويل .. ويعد تمييزها مؤشراً على نضج وفطنة المرء ويُحسب الهروب منها شجاعةً تستحق التبجيل. فالحياة ـ واقعاً ـ صعبة بالمطلق .. وآخر ما نحتاجه هو علاقات تُثقل كواهلنا وتزيد حياتنا تعقيداً وسلبية.
بالطبع النصيحة البدهية التي يقدمها الأخصائيون في هذا المضمار هي ضرورة تجنب هذه العلاقات أو فسخها حال تكونها لكنها ـ على الأرض ـ نصيحةٌ لا تتأتى على الدوام لاسيما أن بعض تلك العلاقات المسمومة هي علاقات لصيقة بالمرء : تربطه مع أحد والديه أو أقربائه.. مديره أو زميله في العمل أو حتى شريك حياته. ورغم الأثر السلبي لتلك العلاقات إلا أن المرء غالبا ما يجد نفسه عاجزاً عن التحلل من أصفادها.. وفي هذه الحالة على المرء تضييق حدود العلاقة لأقصاها وقصرها على العمل ـ لو كانت علاقة عمل ـ أو على الرسميات، لو كانت علاقة صداقة أو مصاهرة أو ما شابه .. المهم في الأمر ، لو كنت ضحية لعلاقات كهذه، أن تستوعب نوعية العلاقة التي أنت طرف فيها وتحصن نفسك من مخرجاتها المسمومة؛ ولا تسمح لما يقال لك فيها أن يدخل تحت جلدك ويقوض نفسيتك أو يهزها.
بالطبع إن كنت تملك إنهاء هذه النوعية من العلاقات فأستجمع قوتك وأفعل. فالحياة أقصر من أن نقضيها في قلق وتوتر؛ وتلك النصيحة ليست ترفا بالمناسبة. فنحن في الواقع بحاجة للعلاقات المستقرة المتوازنة لننتج ونعطي ونبدع، وبالتالي فإن كسر حلقة العلاقات السلبية قد يكون البوابة الحقيقية ـ لا لحياة أسعد فحسب ـ بل أكثر إثماراً واستقرارا.