:للقلب والروح

أو لأنه كان في قرارة نفسه يعرف..
أنها تريد إشارة كي تفتح الجرح لينزف ..
لم يكن يتحمل أن يصلب في يوم مرتين..
ولم يجرؤ أن يقول لها :
إن كنت مجروحة مرة فأنا مكسور بكسرين ..
تخيل.. أنه يرمي عليها اليمين ..
تخيل أن يحملها عالياً ويطرحها أرضاً..
أو يتحول لمارد فيقسمها لنصفين ..
لم يكن صالح رجلا مسكين ..
لكنه كان يتضاءل أمام ” نادية “
لأنها تعرف سره الدفين..


(2)

دخل صالح مكتبه وهو يغلي ..
إذا اقتربت منه ستشم تحت رائحة عطر “كريد” عبق الهزيمة ..
وستسمع في نبرته رنين ذئب يعوي ..
دخل عليه مساعده ليتابع بعض الأعمال..
تصفح ما أمامه من رزم بإهمال ..
كان يبحث عن أي خطأ عابر ..
وفجأة وقعت عيناه على ما يريد ..
رمى الأوراق في وجه ماهر ..
قال له أنه غبي وعقله ضامر ..
أراق كرامته ثم طلب منه أن يغلق خلفه الباب ..
خرج ماهر وهو يسأل نفسه :
إلى متى هذا الذل ؟
سأل وهو يصرخ بلا صوت..
ولم يجد أي جواب..


(3)

إتصلت بماهر حبيبته ..
كانت مشتاقته لصوته .. لضحكته ..
رد عليها بجفاء ..
قالت له أنها ستنال ترقية بعد طول عناء ..
بارك لها دون أن يتصنع الفرح ..
وإنسحب بخفة وأنهى المكالمة وكأنه يقول:
لا طاقة لي في هذه الساعة بالرياء !
تركها وقد أنقلب شوقها حزنا ..
غريب كيف يستطيع الحبيب تغيير مزاجك في لحظة ..
غريب كيف يغير المعادلات ويخلط الأوراق ويقولب الأشياء ..
فيمرضك بلا علة .. كما يُشفيك بلا دواء ..


(4)

أغلقت الهاتف وهي تنزف ..
حللت بروده .. حللت كلماته بل وحتى سكوته ..
وصلت لنتيجة اعتبرتها اكتشاف ..
ماهر عافني ..
أُصيب حبنا – بأسرع مما توقعت- بالجفاف ..
زهد في حبي أو .. أو..
دخلت حياته أخرى ..
وأبحر قلبه عن مينائي ..
أتراها أجمل مني يا ترى ؟
أم أن لها كيداً به سرقت من تأملت أن يكون شريك عمري..
خنقتها الوساوس وبكت ..
وفي ثورة مشاعرها أغمضت ..
فإرتطمت بعربة أخرى ..
” حادث بسيط” – قالت الأخرى بلا أكتراث ..
هل أنت عمياء ؟
كانت تفكر بماهر وقد تحولت فجأة لنافورة غضب وبكاء..
صرخت على ” أم عادل” التي تكورت كقطة بللها الماء ..


(5) وصلت أم عادل لمدرستها ..
كانت تلعن صباحها وتفكر كيف تصلح سيارتها..
تذكرت كل مشاكل بيتها وأنها مضطرة لتسفير خادمتها..
لم يكن في ما تذكرته جديد.
ولكن الأفكار السوداء بدأت تضرب رأسها كمطارق من حديد ..
دخلت مكتبها ..
وكانت ” نادية ” تنتظرها..
” أريد مساعدتك في الإنتقال لغير هذه المدرسة..
أمي مريضة وأعاني كل يوم في عيادتها وممتنة سأكون لو قدمت لي تلك المساعدة..
عنفتها مديرتها وأنهت المحادثة ..
خرجت نادية وهي تغالب دمعتها..
تلعن الحياة وتلعن نفسها..
لماذا يتعامل الناس بعنجهية وحقارة .. سألت نفسها..
دخلت الفصل ونفثت إحباطها .. في طالباتها