:للقلب والروح

قتلته بيدي..
غرست نصلي فيه..
رأيته يحتضر وهو مخضب بالغدر..
ما أسهل أن تقتل أحداً بالحبر..
تقول له بملأ الفم .. كفى..
زمانك ، يا هذا ، عفى ..
لن أسمع منك تبريرا أخيرا..
ولن أسمح لك أن تزيد لجرحي جرحا مريرا..
فكرت – مليا- أن أدمرك تدميرا..
كم ليلة تخيلت بأني أنسفك..
أتبرك تتبيرا..
ثم عدت لرشدي وقلت..
لا يستحق حتى الثأر..
لا يستحق أن أعطيه أياما كثيرا..
ليذهب للجحيم..
هكذا.. بكل بساطه..
وضعتك في تابوت يوم الأثنين..
حرقتك الأربعاء..
ولن أبوح لك .. ولا لنفسي ..
كيف قضيت الثلاثاء..
كل ما عليك معرفته ..
أنك – بعد موتك – لم تنتقل للسماء..
بل ذهبت لأقرب مزبلة ..
تبخرت كريح في الفضاء..
لا تستحق الحب يا هذا..
أنت من القلة الذين يستحقون الحرق.. وهم أحياء ..
*******

(2)

ماذا بقى ..؟
يا أمة الأيتام والسبايا.. والخراف..
ماذا بقى ..؟
وقد صرنا في قاع الأمم وهكذا سنبقى حتى الفناء !
نتحاور بالأسلحة..
نهدم الصوامع ..
نلعن النور..
ونخاوي الأعداء.. !
ماذا بقى وثرواتنا تُقسم كالكعكة..
كإرث قاصر مغبون ..
كقهوة في صيوان عزاء..
ونحنُ.. نتفرج على خيبتنا..
ونحلل المؤامرات التي تحاك بحضرتنا..
ونردد : أنه فخ.. وفيه نسقط ..
وحدتنا سياجنا .. وعليها نقفز ..
نمقت الطائفية ونسقيها .. كراهية ..
نردد عبارات كثيرة.. بلا طعم..
نحرم ” المانكير “..
ونحلل سفك الدم !!
نصرف المليارات على .. لا شيء..
ونبخل بملايين تكفي لإعفاء الفقراء من الهم..
هرمنا مقلوب..
ماضينا غالب .. ومستقبلنا مغلوب..
ضعنا..
ضاعت بنا الدروب..
في كل دولة ” مسمار” فرقة..
لكل حلم ألف عذروب..
يا أمة لا وجه لها..
أخجلتم دينكم..
وأسلافكم..
ما عاد فيكم خصلة .. عنها نذود !
*******

(3)

قالت لي أمي :
قصي رأس السمكة وذيلها قبل أن تقليها..
لماذا ؟ قلت..
فأجابت: لا ترهقيني بأمور لن تستوعبيها..
إنها حكمة جدتك..
فهل تشكين بأن الأجداد ألموا بأمور لا نعيها ..
وإلى متي يا صغيرتي ..
إلى متى ..
ستناطحين كل فكرة وتبحثين عن سبب لترفضيها !
المنطق ليس قانونا لنتبعه..
ولست بحاجة لمحاكمة الدنيا.. بمن فيها ..
الحياة ” سمكتك “..
وسأعلمك كيف ” تقليها ” ..
سيري مع السائرين يا ابنتي..
ولا تسبحي ضد التيار.. فتخسري..
وعندما تسمعين.. لا تجادلي..
آه كم أخشى عليك بأن في أعرافنا وأفكارنا.. تكفري..
عقلك أكبر منك يا صغيرتي..
وأخشى أن تشقين به وتخسري..
لم أستسلم .. وذهبت لجدتي وسألتها:
ما الحكمة في قطع رأس السمكة قبل قليها ..
قالت :
لا شيء يا حلوتي..
مقلاتي كانت صغيرة ، وتلك كانت حيلتي ..
من يومها فهمت أن لعنتي..
لن تكون في تشبثي بمنطقي..
بل في مجتمع يطبق دون أن يمحص.. ولا ينتقي !

*******