:للقلب والروح
أتذكرين ؟
كيف كانت ألعابنا وقتها لا تحتاج إلا لحجر.. وطبشور.. وفلين ..!
ونلعب أحيانا بلا شيء..
ونضع الشمس بين كفين ..
فنحنُ الفرحة .. ونحنُ الضحكة وكنا في خلق المرح مبدعين..
أتذكرين ؟
رائحة الطبخ ، والتنباك العتيق ..
أصوات الباعة المتجولين ..
وهرج العاطلين..
ضجيج الحي ..
وصياح الأمهات الذي لا يستأذن الجدران..
وسكون المغرب.. وصوت المؤذنين..
آآآآه كم يخترقني الحنين..
لسنوات صارخة البهجة ..
ولأحداثها رنين..
أين ذهب ذاك الزمن الجميل
ولماذا عضته .. أسنان السنين !
(2)
أتذكرين ؟
منضدة جدتنا في ذلك الحي القديم ..
وشعرها المخضب بالحناء..
وجدائلها المربوطة بخيط متين ..
تذكرين أوانينا المزينة بصور الفواكه والطيور..
وجمال حديقتنا و” شجرة الكنار” التي حفرنا عليها الحروف ..
ونوافذنا المعشقة بدفء البيت ..
كنا نشرعها وننام .. بلا خوف..
ونأكل كل شيء على المائدة ..
ونتسلى بعدها بما على الرف ..!
كنا نعيش في أرض الجنة يا أختي ..
ولم نقدر ذلك إلا بعد أن وقفنا ..على الجرف..
(3)
كان لحسدنا طعم الطماطم..
ولخلافتنا عمر الورد..
ولكبارنا رهبة الجماجم ..
وكانت ألوان ملابس النساء – حينها- فاقعة البهاء ..
قبل أن يهجوها ” الواعظون” وتصبح سوداء !
وكان كل شيء – لسبب مجهول- في تضاربه .. متناغم ..!
والدكاكين تبيعك بالدين..
لم نكن نحتاج لبيوت كبيرة يومها ..
أتعرفين لم ؟
لأننا كنا لا نسكن الجدران .. بل كل الأماكن ..
(4)
كنت تقع في الحب.. بعين أمك ..
توشوش لك ، تمدح بنت الحلال، فتعشقها بأذنك..
كنت تتعلم الحب مع شريكة حياتك ..
وتتعود عليها وتتعود على عاداتك ..
كانت المرأة مرأة .. والرجل عمود البيت..
ولا يأتي الفراق إلا بالموت ..
كانت عبارات الحب والغزل شحيحة ..
نعم ..
.. لكن الحب يظلل كل البيت
(5) لماذا أترحم يا أختي على تلك الحياة ..؟
ربما لأني أشعر..
بأن الباقي أقل مما فات..
ومن حقي أن ألعن أسنان السنين التي غرست أنيابها في..
وفيك..
وفي مدينتنا التي صارت بلا روح كمدينة أشباح..
ربما لأني أراك – لا هنا – بل هناك..
قدرك أن تولدين متأخرة ..
لحياة لا تشبه الحياة ..
ماذا أقول لك وأنا أرى أنكسارك..
وغربتك ودموعك الغراء..
أأقول لك أننا شجر قدره أن يجف..
في هذه الصحراء