:للقلب والروح

وفي ذاك الشهر النحس
اكتشفت أنها .. وصلت سن اليأس
وبعد أن بكت أياماً بلا انقطاع
ذهبت لطبيب تجميل وقالت:
أعد لي عمري الذي ضاع
قال لها :
تحتاجين طبيباً نفسياً لا طبيب تجميل
أنت خمسينية جميلة
يلفك سحر أصيل..
لكنها لم تصدقه وذهبت لطبيب بالمشرط يتاجر..
وعدها إن يعيدها بنت عشرين وكأنه ساحر..
دخلت غرفة العمليات وهي تعد نفسها بغد جديد..
أغمضت عينها ووضعت متاعبها بين الشراشف
كانت مرهقة ..
وكل ما فيها ثائر ..
خدروها فنامت بعمق لأول مرة منذ شهور..
توقف قلبها المقهور..
لم ينعشه شيء وكأنه كان ينتظر فرصة للفرار
ولما وصل الخبر للزوج الغدار..
مط شفاهه، إنزعج ..
ثم هاجمه تأنيب الضميره  ..
ذرف دمعتين
وتمنى لو إعتذر لها وقت الإحتضار
بعد دقائق نادته عشيقته على العشاء
قالها لها ” مالي نفس”
فلما كررت السؤال قام بتثاقل ولم يمنحها أي اعتبار
لكنه لما رأى الأكل قال رحمة الله عليك يا أم الخير
وأكل بنهم ..
أكان يستحق أن تخسر عمرها ..
من أجل هذا النذل ..

*****

(2)

كان يا مكان،
في سالف العصر والأوان،
حكام ورثوا خرافاً وأغنام..
ولما وجدوا أن الفخر في العالم مـا عاد في ملك القطعان..
وضعوا لأغنامهم مدارس ..
وزينوا مدنهم بالإسمنت وصبغوا الجدران ..

ولأن “الراعي ” يخاف الرحمن..
كان يسمي قبل أن ” يجز ” صوف الخرفان،
ويسقى المعزة ماء قبل أن يذبحها..
ولا ” يسلخ ” الخروف إلا مضطراً..
ولا يسفك الدم إلا بحسبان..
وعندما يوكل ذئاباً عليهم .. يدربها بإتقان ..
فالحكام- وإن أبدوا لقطعانهم الطغيان..
فقد ورثوا عن أجدادهم.. بعض الإيمان

*****
 
وفي يوم من الأيام
اكتشف أحد رعاة الأغنام.
أن من ورثهم .. بشرٌ
يحزنون..
يثورون..
ولهم أحلام قادرة على خلعه كالطوفان.
كان يومها مضطجعاً على فراش النرجسية ..
بالوهم غرقان،
فإستيقظ بذهول.
إكتشف أن من استعبدهم ذووا ألباب وعقول
وأنه عن ” تخريفهم ” المسئول ..
وأنه ورث من أجداده عتههم ..
إكتشف أنه وأجداده – ليسوا سوى طغمة فاسدة
في زى فرسان ..
فقرر أن يعطيهم نصف صوت .. ونصف حق .. ليحمي الصولجان..
لكنه الشعب لما ثار ..
مطالبا بالقرار  ..
فتح السجون ..
وحفر القبور ..
وكشف عن أنيابه .. وفكر وريث القطعان

*****

(3)
 
أحب الحب..
فعاش طائراً بلا قيد ..
وأضاع الدرب ..
أحب في فاتن جمالها وكره سطحيتها ..
أحب في سحر حنانها الحليبي وكره تهورها ..
أحب في جمانة عقلها وكره قلة وفائها ..
ولكنه لما دقت ساعة الزواج..
بحث عن كل ميزاتهن – في واحدة – ونسى عيوبهن..
هكذا تنقل من وهم لوهم..
ومن خيبة لخيبة..
ووضع في كل فتاة عيب ونقصان ..
ومضى عمره .. وخسر العمر ..
وعاش عمره وحيداً بلا دفء إنسان..

*****