للقلب والروح

وفردت سهام رموشها وكأنها تعدها لحرب شعواء ..
أمضت وقتا طويلا أمام المرآة ..
تخفي بطبقات المكياج سرها ..
ثم لبست فستانا فاضحا ..
يستر ما يستر بخبث ..
ويكشف دون حياء ..

(2)

الساعة 8.10
كانت الحفلة في الثامنة من مساء الخميس ..
وكانت – هي- تتهيأ للحفلة من أسبوعين ..
تتهيأ من يوم تسلمت الدعوة بالبريد تحمل إسم سعيد ..
سعيد الذي كان يوماً شمسها ..
وكان اليوم دونه مظلماً بكل تأكيد ..
سعيد الذي أكتشف جمالها الفتي ..
وشنق طفولتها بكلامه الشقي ..
وكان معلمها في درب العشق..
ونديمها الوفي ..
هو أول من نظر داخل عينيها بعمق ..

ووعدها بحبه الأبدي ..
أحبته وكأنه آخر رجال العالم..
ومالك خزائن الغرام السرمدي ..
كانت تراه .. رجال في رجل ..
وها هي اليوم تتسلم دعوة زفافه ملفوفة بشريط .. وردي ..!!

(3)

الساعة 8.50
نزلت على السلم ببطء وحذر ..
كان كعبها أطول من الاحتمال ..
وخلف كل هذا البريق الظاهري
كان هناك صليل ألم يهد الجبال ..
كانت أشبه بخسران على طاولة قمار ..
يحاول أن يستدرك خسارته ..
يقاوم فكرة الفرار ..
ويقع – وهو يحاول النجاة – في مزيد من الدمار
كانت ..
قد خسرت كل جولاتها معه ..
ورأت أن نظرة نادمة منه : إنتصار ..
كانت تريد منه ربع التفاتة حانية ..
وتطمع في ترميم كبريائها بمقاومة الإنهيار ..

(4)

الساعة 9.03
عندما تسلمت الدعوة في ذلك النهار ..
سبحت في دموع ..
وصرخت صرخات طفل موجوع ..
بحثت – ألف مرة – عن تفسير ..
أهو من دعاني .. أم هي ؟
دعوني ودعوا كل فتيات العائلة ..
أكنت رقما بين أرقام الكراسي الثمانية ..
” ربما دعاني ليغيضني “
لأنه ما زال في زاوية بعيدة من قلبه يحبني ..
كانت تكذب على نفسها..
وتعرف أن كذبها لا ينطلى.. عليها ..

(5)

الساعة 9.40
ركبت سيارتها تحت حصار البخور والعطور ..
لثانية تخيلت أنها العروس وطردت الفكرة لأنها كانت ألماً لا يطاق  ..  
كان عطرها صارخاً ففتحت النافذة فهب نسيم الذكريات ..
كل ذكرياتها معه ..
غريب أنه أسعدها 9 أشهر ..
وآلمها لثلاث أعوام ..
ولكنها لا تذكر منه إلا لحظات السعادة  ..
وبالكاد تذكر ليالي العناء..
هناك ألف سبب لأي علاقة .. يمكن أن يكون فيها القاتل .. مظلوماً
لكنها تركها لأنها ملها ..
ولم يكن – حقاً – ملوماً ..
فقد كانت مجنونة به ..
والرجل لا يهوى من يكون به .. مجنوناً ..

(6)

الساعة 10.10
نزلت من سيارتها وكانت متأخرة
والساعة تجاوزت العاشرة ..
كانت مستعدة لكل شيء :
درست نظراتها له ولعروسه ..
وأي زاوية ستتخذ قبال الكوشة ..
كيف سترقص ، وكيف ستضحك ، وكيف ستجيب على مكالمات عابرة بطريقة مشبوهة ..
فكرت في كل شيء
وعند باب القاعة تسمرت ..
كان الزفة قد بدأت وكان يتأبط عروسه التي من الغنج تمايلت ..
تلألأت في عيناها الدموع..
رجعت خطوة
تأملتهما من بعيد ..
وعادت لسيارتها ورحلت مع الريح ..